انتهاء العملية العسكرية التركية في شمال سورياقال رئيس تيار الغد السورى المعارض، أحمد الجربا، ان وقف إطلاق النار فى سوريا مقدمة حقيقية للوصول إلى حل للأزمة، مؤكدا ان تحفظه على الغياب العربى الكامل عن مفاوضات أستانة، مشددا على أهمية وجود مصر كراعى للمفاوضات الجارية فى القاهرة.

وأكد الجربا فى كلمة له بمؤتمر صحفى عقد بأحد فنادق القاهرة الكبرى، اليوم السبت، ان الاتفاقات التى تمت بين الروس والتى تنطلق من القاهرة ليست موجهةً لأي طرف إقليمى أو دولى، معربا عن ترحيبه بأى طرف يريد مد العون سواء عربى أو خليجى أو دولى للمساعدة فى حل سياسى للأزمة السورية.

وأشاد رئيس تيار الغد السورى المعارض، أحمد الجربا، بدور مصر فى التعاطى مع الأزمة السورية، مؤكدا أن مصر المحروسة كانت ولا تزال الأكثر حِرصا على حرمة الدمِ السورى، مؤكدا أن القاهرة لم تشارك بأى وسيلة من الوسائلِ فى سفك الدماء.

 

وفيما يلى نص كلمة رئيس تيار الغد السورى أحمد الجربا:

بسم الله الرحمن الرحيم

أتوجهُ بهذا المؤتمر اولاً وأخيراً إلى شعبنا السوري الموزع، بين ارضِ النار في الداخلِ ونكبةِ الشتاتِ الكُبرى في زوايا الأرض الأربع.
وأقولُ بصراحةٍ ووضوح، إننا في مرحلةٍ حساسة، ولكنها مهمة بل الأهمُ في تاريخِ ثورتنا التي قدمت وما زالت تُقدمُ نموذجاً للعالم حول التضحية والوفاء والصبر والعزيمة.
وحتى لا نكونَ رقماً هامشياً على مذبحِ المصالحِ الكُبرى للقوى الدولية والإقليمية. قررننا في هذه المرحلة أن نتخذَ القرارَ الصعب، انطلاقاً من ثوابتِ المصلحةِ السوريةِ اولاً، ولكي لا يقَعَ أيُ التباس، إليكم بإيجاز الركائزَ الاستراتيجية التي استندنا عليها.

 

1. اولاً: الحفاظُ على مُكتسباتِ الثورة، وعدمُ التضحيةِ بالدماءِ والجهود التي بُذِلت وما زالت تُبذلُ من شعبنا المرابط الصابر.

2. ثانياً: حمايةُ المدنيينَ والثوار في مختلفِ المناطقِ السوريةِ، من بطشِ الآلةِ العسكريةِ للنظامِ وحلفائه، مع حفظ الكرامة ومكتسباتِ الثوار، عبرَ اتفاقاتٍ واضحةٍ وشفافةٍ تخدمُ قضيتنا العادلة.

3. ثالثاً: تعبيدُ الطريق أمام شعبنا للوصولِ إلى الأهدافِ الأساسيةِ التي رسمتها الثورة – قبل ان يشوهها بعضُ الدخلاء – بدءاً بالحريةِ والكرامة، مروراً بالتغيير السياسي، وصولاً إلى سوريا ذات سيادة مستقلة وديموقراطية نعيشُ فيها بأمانٍ واستقرار، كما تطمحُ كلُ الشعوبِ الحرةِ في هذا العالم.

4. رابعاً: التشاورُ المتواصِلُ مع الثوار بمختلفِ المناطق، وعلى تنوعِ انتمائاتهم ومشاربهم، من أجلِ رسم خريطة طريق، للوصولٍ سياسياً إلى الأهدافِ التي عملنا عليها من اليومِ الأولِ للثورة. ولم نتجاوز أو نستثني فصيلاً صغُرَ أم كَبُر، إلا من استثنى نفسهُ لغاياتٍ ومآربَ لا شأنَّ لنا بها.

5. خامساً: التواصلُ اليومي الحثيث مع أهلنا في الداخل، الأمرُ الذي أفضى إلى بلورةِ مناخٍ عام حول أوضاعهم التفصيلية وحاجاتهم الراهنة، إضافةً إلى تطلُعاتِهم المستقبلية.

إستناداً إلى هذه الثوابت، وبناءً عليها وعلى موازينِ القوى، التي أرخت بأثقالها على الواقعِ السوري، شَرعنا باتفاقاتٍ بدأت بالغوطة وانتقلت الى حمص. وهَمُنا الأولُ والأخير، الوصولُ الى أهدافِ شعبنا التي سطّرها بالدمِ.

 

في ثورةِ الكرامة. ويهمُنا أن نوضّح أننا درسنا كُلَ الاحتمالاتِ للوصولِ الى نتيجةٍ عملية، وبعدما تفحصنا مع الشركاءِ السياسيينَ، والفصائلِ ومرجعياتِ الأهالي كُلَ السُبلِ المتاحة، وجدنا أنَّ أقصر الطُرقِ، وأقلها ضرراً، وأكثُرها فاعليةً التواصُلُ مع الطرفِ الروسي للوصولِ الى نتيجةٍ مرضية، وهذا كما يعلمُ ويخبَرُ الجميع هو السبيلُ الوحيد المتوفِرُ حالياً.
أما اختيارُ مِصرَ دولةً راعيةً فلم يأتي ترضيةً او لمصلحةٍ ضيقة، بل كانَ نتيجةً طبيعيةً وضروريةً لعدةِ أسباب.

 

· الأول: عدمُ وجودِ صراعٍ بين مِصرَ وأي فصيلٍ سوري فاعل في مناطق الاتفاقات، إضافةً إلى عدم دعم مِصرَ لأي طرفٍ عسكري، الأمرُ الذي يُشكِلُ حساسيةً لأطرافٍ اُخرى.

 

· الثاني: علاقةُ الثقةِ المتينة بين مِصرَ وروسيا، والتي رسّخت بدورها، ثقتنا نحن، وكانت دافعاً إيجابياً لنا كجانبٍ سوري.

 

· الثالث: أنَّ الجانبَ المِصري لم يتجاوز في اي تفصيل حدودَ الوساطةِ والرعاية، بل كانَ داعماً دوماً ومتبنياً لكل ما نطرحُهُ في المفاوضات.

 

- وانطلاقاً من ذلك فإن مصر المحروسة، كانت ولا تزالُ وستبقى، هي الأكثرُ حِرصاً على حُرمةِ الدّمِ السوري، لم تُشارك بأيِّ وسيلةٍ من الوسائلِ في سفكِ الدماء، بل على العكس سعت وبكُلِ صدقٍ وتفانٍ على أن تكونَ جِسراً للتواصلِ بين السوريين، ومُنطلقاً لحلٍ يرضي جميع الأطراف بما فيه خيرٌ لمستقبل بلادنا، ولم تنظر جمهورية مصر العربية ورئيسها/ عبد الفتاح السيسي إلى سوريا إلى من قناعةٍ راسخةٍ لدى الوجدان الشعبي والرسمي المصري، قناعةٌ مفادُها أنَّ سوريا جزءٌ لا يتجزأ من تاريخِ مصر وعزتها وسلامةِ أمنها القومي. ونؤكدُ أنَّ وقف إطلاق النار في المناطق الساخنة في سوريا ليس من بناتِ افكارنا، بل هو امرٌ قرره الضامنون في استانا، ووافقت عليه جميعُ الفصائلِ المشاركةِ من الشمالِ الى الجنوب، ووافق عليه النظامُ أيضاً. وكُنا نحن في تيار الغد السوري/ قد شجعنا على المُضي قُدُماً في وقف إطلاق النار، لأننا نعتبرهُ بدايةً لإنهاءِ المقتلةِ السورية ومُقدمةً حقيقيةً للوصولِ إلى إنجاح ما شرعنا به. ولكن تحفُظُنا الوحيد كانَ الغيابَ العربيَ الكاملَ عن مفاوضات استانا، ومن هنا تأتي أهميةُ وجودِ مِصر كراعي في المفاوضات الجارية في القاهرة. وأؤكدُ من هنا أنًّ الاتفاقات التي بيننا وبين الروس والتي تنطلق من القاهرة، ليست موجهةً لأيِّ طرفٍ إقليمي او دولي. ولا يفوتُني الإشارةُ إلى الترحيبِ الدائمِ بكل طرفٍ شقيقٍ او صديق، يُريدُ ان يمُدَ يدَ العونِ لنا في إنجازِ ما نحنُ فيه، ولا أستثني ايَ طرفٍ خليجي وعربي او دولي، وأُكررُ أننا لا نستثني ايَ دولةٍ او طرفٍ يُريدُ مدَّ يدَ العونِ والمساعدةِ في حلٍ سياسيٍ يُنهي الصراعَ في بلادنا.

 

- أيُها الشعبُ السوري الجبار، يا أبناءَ ملحمةِ القرنِ الحادي والعشرين. هذا هو المشروعُ الذي بدأناهُ وسنكملهُ سوياً. والأمرُ يُلزِمُني بتوضيحِ أمورٍ لا بُدَّ من الإشارةِ إليها ليعلمها كل قاصٍ وداني. نحنُ شعبٌ قدم الدماءَ والجهودَ لننعم بالحريةِ والكرامة – لا لنتحولَ الى رُقعةٍ وساحةٍ مستباحةٍ من قبلِ تنظيماتِ الجهادِ العالمي، التي ترى في سوريا مُجردَ ارضِ رباطٍ، او نُصرةٍ، او ساحةَ جهادٍ لمآرِبَ خارِجَ مصلحةِ الشعبِ السوري وأهدافَ ثورتِه. إنَّ الشعبَ السوري الذي ثارَ على الاستبداد في آذار 2011 لن يقبل ان يتصدرَ المشهدَّ من جاؤوا من وراءِ الحدود، وسرقوا ثورتنا، ولن يقبل أن يحتلَّ الساحةَ البغداديُ والجولانيُ والشيشانيُ والجزراويُ. وأنَّ الذي يُريدنا أسرى بين بحر الدماء المجاني والباصات الخُضر، هو شريكٌ للنظامِ في ذبحنا مع اختلافِ الشعاراتِ لا غير. وأعتقدُ ان كلاميَ مفهومٌ للجميع، والكلُ يعرف الحقيقةَ في هذا الأمر ولكنني – كالعادة – أُحِبُ أن اقولها بشكلٍ مُباشَرٍ بدلَ اللفِ والدورانِ حولها.
وبالنسبةِ للغوطةِ الشرقية، أُحِبُ أن اتوجهَ لأهليَ فيها وللرأي العام السوري، بمُكاشفةٍ مُختصرة – أننا قد أنجزنا في اتفاقِ وقفِ اطلاقِ النار بالغوطةِ ما اتفقنا عليه. وإنني انتهزُ هذه الفُرصةَ لأحيي قيادةَ جيشِ الإسلام على تحليهم بالشجاعةِ والمسؤوليةِ الوطنيةِ العليا، في قرارهم الذي اتخذوهُ من أجلِ الحفاظِ على ارواحِ أبناءِ منطقتهم، والحفاظُ على ثوابت الثورة السورية، وقد يتساءلُ البعضُ لماذا يتوقفُ القصف، وتدخلُ الإغاثةُ الى دوما، بينما عين ترما وزملكا، وجوبر وعربين لا تزالُ تعاني من القصفِ الجويِّ، والبراميل والمدفعية الثقيلة؟ اقولُها وبكلِ صراحة – السببُ هو عدمُ توقيعِ الأخوة في فيلق الرحمن المُسيطر على هذه البلدات، على اتفاقيةِ الغوطة في القاهرة، وأننا لا نزالُ ننتظرُ وصولهم، او تفويضهم لأحد أطراف الغوطة للتوقيع على الاتفاقية، لينعَمَ اهلُنا في كامل الغوطةِ بالأمنِ والسلامة، وإنني أُحمِلُهم كامل المسؤولية، عن كل قطرةِ دمٍ سُفِكت في الغوطة مُنذُ إبرامِ الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ في 22 يوليو/تموز. فمازالوا يُعطِلونَ الحلَّ بِحُججٍ شكليةٍ واهية، كالحديث عن تغيير الراعي او البلدِ المُضيف، وأقولُ لهم: إنَّ دَمَ الشَعب السوري اعلى من اي اعتبار او مصلحةٍ او تسجيلُ نقطةٍ لصالح هذه الدولةِ او تلك، وتركُ اهلِنا أسرى رِهانات الخارج هو طعنٌ للثورةِ وللناس، وهو ما لن نقبلُه او نُقِرهُ، ولا يزايدنَّ احدٌ علينا، فقد شَرَعنا ببناء العمل الثوري المسلح، يوم عزِّ الرجال في ساح القتال. واتممنا التسويات السياسية يومَ تراجعَ معظم الساسة قبل ان يعودوا ويلتحقوا بما شرّعناه مع رِفاقنا. وأذكِّرُ بحضورنا لجنيف اثنان عام 2014. أما ما يخصُ اتفاقَ وقفِ إطلاق النار في ريفِ حمص الشمالي، فإننا سمعنا اصواتً من هنا وهناك، تُطالبُ بإن يكونَ

 

الضامنُ التُركي موجوداً في الاتفاق، نقولُ لهم، وبكل صراحةٍ ايضاً: أنَّ مفاوضات استانا الجارية مُنذ عدةِ أشهر لم تفضي إلى وقف إطلاق النار في الريفِ الشمالي، ونحنُ كنا نرحِبُ دائماً بحصولِ هذا الاتفاق بالريفِ الشمالي. لماذا كُلُ هذهِ الأشهر لم يحصل هذا الاتفاق، ولم نسمع هذه الاصوات أنها طالبت بوقف إطلاق نارٍ في هذهِ المنطقة؟

 

إلّا حينَ تدخلنا لعقدِ مثل هذا الاتفاق، إنَّ كلامهم مردودٌ عليهم، ألا لا يجهلن أحدٌ علينا فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلين، وكبُر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون، ولا يُحيقُ المكرُ السيء الى بأهله. وانتهزُ هذهِ الفرصة لأحييَّ الأخوةَ في جيشِ التوحيد، ومشايخ ووجهاء وضباط الريف الشمالي من حمص، لشجاعتهم وجرأتهم على إتمام هذا الاتفاق. تحية كبيرة إلى أهلنا الصامدين في الريفِ الشمالي الأبي، تحية إلى الرستن وتلبيسة، والحولة والغنطو، وتيرمعلة والدار الكبيرة، والزعفرانة. وإلى جميعِ القرى والبلداتِ في الريفِ الشمالي من حمص العذية.

 

· وأخيراً والأكيدُ الأكيد، أنني وكلُّ من في الخارجِ لا يمكنُ أن نُزايدَ على الموجودين تحت النار في الداخل، لقد كادت المزايداتُ أن تُطيحَ بالثورةِ وبالدولةِ معاً فكفى مزايدةً حتى لا نضطر الى كشفِ المستور والسلامُ على من اتبع مصلحةَ شعبهِ قبل هواهُ وغيّه.