صحيفة تابعة لسيف الاسلام تدعو الى الاسراع في اجراء عملية جراحية لاستئصال 'الثالوث البغيض'.
وصفت صحيفة أويا الليبية التي تصدر عن شركة "الغد" التي يشرف عليها نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي، الرشوة والوساطة والمحسوبية بـ"الثالوث البغيض"، وقالت بأنه صار اليوم أشبه بالمرض اللعين الذي ينهش جسد الدولة الليبية، ويستلزم فعلاً الإسراع في إجراء عملية جراحية عاجلة لاستئصاله وقطع دابره قبل فوات الأوان.

ودعت أويا في افتتاحيتها الصادرة الأربعاء إلى تنفيذ ما أسمته بـ "الاقتحام النهائي" للقضاء على الفساد وإعادة الحياة إلى المؤسسات السياسية الليبية، وقالت الصحيفة "إن تنفيذ فكرة الاقتحام النهائي التي سبق ونوه عنها القائد في لقائه بالرفاق في مصراتة "رمضان 2008" لا نعتقد أنها تحتمل المزيد من التأجيل، وقد حان أوانها بعدما اقتربنا من درجة الأزمة في الممارسة الشعبية وإدارة شؤون الدولة المحلية بفعل أولئك السراق والمرتشين والمتاجرين بالشعارات ممن احتسبوا على الثورة.. وهي منهم براء".

ولم تستبعد الصحيفة أن يقوم الزعيم الليبي بمبادرة تصحيحية لمقاومة هذه مظاهر الفساد، وقالت "نحن من باب اليقين نؤكد أن القائد رغم انشغاله بأعباء جسام، وتوجهه إلى تنفيذ برامج استراتيجية كبرى ستدرك الأجيال الليبية اللاحقة مدى الاستفادة التي ستجنيها من ورائها.. ليس صعباً عليه أن يجند رفاقه في القيادة والضباط الأحرار ومن ناصروه والتحموا معه في تنفيذ أمر الموت ليلة الفاتح بمباشرة تصحيح المسار وتنقية التجربة الشعبية بما علق بها من تشويه أو غبش من أي نوع.. ونجزم بأن المؤتمرات الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية في هذا التصحيح ستدعم القائد بكل قوة ، وستزكي خياراته لأنها تؤمن بأن القائد هو خط المواجهة الأمامي للدفاع عن سلطتها وترسيخها ومن باب الاقتراح ليس إلاّ".

وأعادت الافتتاحية إلى الأذهان اسم عبد السلام جلود الذي أبعد عن المشهد السياسي منذ 17 عاما، وكذلك اسم الخويلدي الحميدي واللواء مصطفى الخروبي من بين الأسماء التي يمكن أن تلعب دورا في هذا المسار التصحيحي، وقالت: "ماذا لو طلب الليبيون من القائد استدعاء رفيق رحلته الرائد عبدالسلام جلّود، وجرى تكليفه بأمانة اللجنة الشعبية العامة... وعبدالسلام جلّود كما نعلم جميعاً يتمتع بتجربة خبرة ودراية طويلة ومتراكمة في الإشراف على مؤسسات الدولة خاصة ونحن نعيش غمار تجربة تنموية كبيرة وضخمة كثر اللغط حولها... وهذا الرجل الذي أشرف على تجربة التنمية في السبعينيات قد يكون قادراً على إزالة ذلك اللغط. وفي خط موازٍ ماذا لو أوكلت أمانة مؤتمر الشعب العام للواء مصطفى الخروبي، وهو الرجل الذي تتأصل في شخصيته صفات حب الخير للناس، ويتمتع بدماثة خلق وحسن أسلوب في التعامل مع المواطنين؟ وماذا لو أعدنا تجربة اللواء الخويلدي الحميدي وتم تكليفه بمهمة الإشراف على أداء الأجهزة الأمنية والمؤسسات التابعة لها مستعيدين في ذلك تجربته الثرية أثناء قيامه بدور وزير الداخلية في السبعينيات، وقبل قيام سلطة الشعب، والتي شهد مجتمعنا فيها أعلى درجات الأمن والأمان والطمأنينة؟"

وأضافت الصحيفة "ماذا لو حوّلنا اللجنة الشعبية المؤقتة للدفاع إلى لجنة دائمة تختص بالدفاع عن سيادة ليبيا وحماية مجتمعها، وتعزيز مكانتها الدولية في عالم الأقوياء، واقترحنا لتولي مهامها الفريق أبو بكر يونس جابر؟"، على حد تعبيرها.

وفي لندن رجح الكاتب والإعلامي الليبي السنوسي بسيكري أن يكون حديث أويا عن حكومة يرأسها عبدالسلام جلود بصلاحيات موسعة جزءا من سيناريوسياسي أكبر من الصحيفة، وقال: "لا يمكن أن يكون ما تحدثت عنه افتتاحية صحيفة أويا عائد إلى اشتغال رئيس تحريرها بالشأن العام واجتهاد منها من باب المشاركة في البحث عن حل لما تعانيه البلاد من مشكلات باتت- بإقرار ساساتها - مستعصية. فالحديث عن حكومة يقودها الرائد عبدالسلام جلود ليس حديثا تجسر الصحيفة على التطرق إليه مهما كانت استقلاليتها، فهذه مسألة تمس العقيد القذافي ذاته، وعبد السلام جلود وقضية تنحيته عن مواقع المسؤولية وانعزاله عن المشهد السياسي حساسة جدا ولا يمكن القبول بأن الزج به بهذه الطريقة كان اجتهادا ممن يشرفون على أويا أو شركة الغد. وأتصور أنه تسريب موجه يعبر عما يدور من جدل في الدوائر المغلقة في هرم السلطة وما يحوط به، وله ارتباط بالبحث عن حل للأزمة التي تعصف بالبلاد أقر بها العقيد القذافي بحديثه المتكرر عن فشل اللجنة الشعبية العامة والدعوة إلى إلغائها، ودندن عنها سيف الإسلام في مناسبات متعددة وبطرق مختلفة وأكثر تفصيلا في بعض الملتقيات والتصريحات في الملتقيات ولصحف الأجنبية، وترتيب هيكل السلطة بشكل يجعلها أكثر تكيفا مع التحديات الداخلية والخارجية دون أن تخرج عن دائرة السيطرة".

وأوضح بسيكري "أعتقد أن ما طرح إنما هو انعكاس لجدل محتدم في أروقة السلطة، وليس المقصود من التسريب التهيئة لتغيير في اللجنة الشعبية ليقودها جلود، فأنا أستبعد ذلك، فلماذا يُؤتى به وقد اندثرت سيرته ونسيه الناس وقبل أنصاره وقبيلته ـ ذات الثقل المهم ـ بذلك؟ ولا استبعد أن يكون هناك تغيير قادم ولكنه في اتجاه مختلف، وبشخصية أخرى ذات وزن سياسي وقبلي وتحترم من قبل مراكز القوى، وإنما طرح اسم جلود لإلقاء حجر في الماء الراكد وسبر غور ردود الأفعال، ليس النخبوية والشعبية، فرأيها في ذلك لا يزال أقل أهمية، بل مراكز القوى القبلي والعائلي منها والثوري والأمني سواء". (قدس برس)