شهدت أمس محكمة جنايات الإسكندرية مواجهات عنيفة بين أهالي واصدقاء شهيد الطوارئ خالد سعيد والمئات من المجهولين تم الدفع بهم في عشرات الشاحنات جاؤوا بغرض دعم المخبرين المتهمين بقتل سعيد حتى الموت.
وقد فوجئ نشطاء المعارضة وأصدقاء الشهيد الشاب بالمئات من الشباب الذين قالت السلطات أنهم أقارب المخبرين يقومون بالتحرش بعائلة وأصدقاء خالد سعيد الذين جاؤوا لمتابعة محاكمة المتهمين.
وتعرض عدد من المواطنين بينهم مراسلون وصحافيون للاعتداءات على إثر إطلاق الأهالي هتافات ضد الشرطة وقتلة سعيد مطالبين بتعديل لائحة الاتهام ضد المخبرين.
كما قامت قوات الامن بالتعدى على الاعلامية بثينة كامل اثناء الوقفة الاحتجاجية، وردد المتظاهرون عدة هتافات منها 'لو كان خالد ابن وزير كانت رأس العادلى تطير يا حرية فينك فينك أمن الدولة بيننا وبينك ابني في سور السجن وعلى بكرة الشعب يقوم ما يخلي يا خالد يا سعيد انت شاهد وشهيد'.
وقد شهدت المحكمة وجودا أمنيا كبيرا حيث حاصر المقر المئات من جنود الشرطة يتزعمهم قيادات مديرية أمن الإسكندرية وسادت الفوضى على إثر وصول اقارب المخبرين الذين بدأوا في توجيه الهتافات والشتائم للمعارضة والاهالي المناصري للفقيد الراحل.
قبيل بدء الجلسة إنطلقت مظاهرتان حاشدتان الأولى نظمها المتضامنون مع الشاب الراحل، والثانية كانت في مواجهتها ونظمتها جهة امنية حسب رأي نشطاء الحملة الرامية إلى محاكمة القتلة وقد حضر حشد كبير من عائلتي المخبرين عوض سليمان ومحمود صلاح وطالب هؤلاء بمحاسبة من وصفوهم بـ'الخونة والعملاء للنظام وأعداء الشرطة المصرية والراغبين في تشويه رجال الأمن'.
وشهدت المظاهرة التي نظمتها الشرطة مفارقات كوميدية وذلك حينما قامت قوات الامن بتجميع عدد من المسافرين وعمال التراحيل بميدان محطة مصر بالاسكندرية ودفعتهم لتنظيم وقفة احتجاجية لتأييد مخبري الشرطة والدفاع عنهم مقابل تظاهرة شباب القوى الوطنية الا ان المحاولة فشلت بسبب عدم معرفة المواطنين الذين تم إحضارهم من محطة السكك الحديدية بأسباب المظاهرة حيث قاموا بإطلاق هتافات منها 'خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمد سوف يعود' و'البرادعي فين اليهود اهم' وهو ما اثار سخرية المارة وشباب القوى السياسية واعتبروا الأمر سذاجة من جانب أجهزة الامن، وحمل عمال التراحيل عدة لافتات منها 'أفراد الشرطة هم افراد الشعب لا للعملاء'.
وقبيل نظر الجلسة بساعة كان كردون أمني يحيط بمحكمة جنايات الإسكندرية يضم عناصر من مجندي الأمن المركزي، وقوات مكافحة الشغب بقيادة اللواء محمد إبراهيم مدير الأمن بصحبة كبار قيادات وزارة الداخلية بالإسكندرية، الذين حالوا بين أنصار شهيد الشرطة وتمركزوا على بوابات الدخول الرئيسية لقاعة المحكمة ومنعوا مراقبين ونشطاء من جماعات حقوق الإنسان من حضور الجلسة بينما سمح حرس المحكمة بدخول عدد كبير من أسرتي المخبرين وأهالي قريتهم الذين حضروا من قرية بمحافظة البحيرة شمال القاهرة بمسيرة مائة وتسعين كيلومترا تقريباً وحملتهم أكثر من 10 سيارات.
وبينما كان المستشار موسى النحراوي رئيس المحكمة يهم ببدء الجلسة في العاشرة صباحا كان يهتف النشطاء 'خالد شمس وصرخة جيل خالد دمه موج النيل'، وحملوا لافتات سوداء عليها صور سعيد، كما حملوا صوراً له كتبت عليها عبارة 'اسفكسيا الطوارئ'، في إشارة الى حالة الطوارئ التي تحكم المصريين منذ عام 1981، التي تجيز الاعتقال بسبب الاشتباه كما تجيز الاحتجاز دون محاكمة لفترات غير مقيدة بوقت.
وفي ذات السياق حمل المئات من أنصار الشرطة متخفين بملابس مدنية لافتات كتب على إحداها 'أفراد الشرطة من أبناء الشعب'. كما حملوا لافتة كتبت عليها عبارة 'لا للعملاء أفيقوا يا شعب'، ما أثار النشطاء وجعلهم يتوجهون الى مؤيدي الشرطة بهتافات مناوئة.
وقررت المحكمة تأجيل نظر القضية الى 25 أيلول/سبتمبر المقبل. واستمع خلالها لطلبات كل من المدعين بالحق المدني ـ أسرة خالدـ ودفاع المخبرين، وتجاوز عدد المحامين الحاضرين عن الطرفين أكثر من 50 محاميا ومحامية.
وطالب محامو الدفاع بسماع أقوال ضباط قسم 'سيدى جابر'، وشهود الإثبات والنفي إلى جانب مناقشة الأطباء الشرعيين، بالإضافة إلى ضم صحيفة الحالة الجنائية لكل من الشاهد الثاني 'علاء الدين محمد إبراهيم' والشاب 'خالد سعيد' إلى أوراق القضية.
وشهدت المحكمة جلسة ساخنة قدم فيها هيئة المدعين بالحق المدني طلباتهم بتعديل قيد وصف القضية من استعمال القسوة والتعذيب والقبض على مواطن بدون وجه حق الى القتل العمد، وسماع أقوال المقدم عماد الدين عبد الظاهر ـ رئيس وحدة المباحث بقسم شرطة سيدي جابر ـ والرائد محمد ثابت ـ معاون المباحث بالقسم ـ والنقيب محمد عز الدين ـ معاون المباحث ـ والنقيب محمد أحمد منيس معاون المباحث والرائد أحمد عثمان معاون المباحث
وقد رفضت المحكمة تعديل التهمة من استعمال القسوة إلى ضرب أفضى إلى الموت.
وشهدت الجلسة تغطية إعلامية مكثفة من وسائل الإعلام المصرية والأجنبية، وقال مواطنون من جيران الفقيد إنهم تعرضوا للتهديد إذا ما قرروا الإدلاء بشهادات أو معلومات من شأنها أن تدين المتهمين ووصل الأمر لحد تهديد زوجة بواب العمارة التي لفظ 'خالد' فيها أنفاسه الأخيرة والتي شهدت وقائع الاعتداء الآثم والتي يعول عليها أنصار الراحل في ان تقوم بالإدلاء بوقائع وتفاصيل الاعتداء أمام المحكمة.
وبالرغم من قرار تأجيل القضية إلا أن المتعاطفين مع شهيد الطوارئ كانوا يتدفقون على المحكمة للإنضمام للشباب الذي ما زال غاضباً وتعاملت الشرطة معهم بالعنف واشتبكت قوات الأمن مع المتظاهرين المتضامنين مع أسرة خالد ـ لمحاولة فض التظاهرة التي وصل عدد المشاركين فيها الى ألفي متظاهر وبالرغم من حرارة الطقس والشمس الحارقة إلا أن رجالا ونساء مسنين حرصوا على الحضور لمؤازرة عائلة الفقيد.

وتعرض عدد من المتظاهرين والصحافيين للضرب على يد أقارب المخبرين وعناصر من قوات الشرطة، من الذين تعرضوا للإعتداء عدد من مراسلي صحف المعارضة والمستقلة ووجه أفراد من الشرطة أوامرهم للمواطنين بالإنصراف وحذرتهم من البقاء بالمكان والتعرض للاعتقال.

وكان رؤساء البعثات الدبلوماسية لدول الاتحاد الأوروبي في مصر، قد أصدروا، الشهر الماضي بيانا نددوا فيه بمقتل سعيد وعبروا فيه عن 'قلقهم إزاء ظروف وفاة خالد سعيد، بعد التقارير المتضاربة، عن هذه الواقعة، وتناقض أقوال الشهود، وبيانات أسرة سعيد، ومنظمات حقوق الإنسان، مع النتيجة التي انتهى إليها التشريح الثاني للجثة'.

قاد هيئة محامي أسرة خالد سعيد حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان والمحامي رأفت دوار، أما فريق الدفاع عن المتهمين فقاده لواء الشرطة السابق رفعت فكري والمحامية بشرى عباس عصفور.
وكانت منظمة 'هيومن رايتس ووتش' المعنية بحقوق الإنسان قد طالبت السلطات المصرية بالتحقيق في الحادث والكشف عن المعتدين وتقديمهم للعدالة على وجه السرعة وكان رجلا الشرطة المتهمان في القضية قد اعتديا بالضرب المبرح على شهيد الطوارئ مما أدى لوفاته، على حد قول عدد من الشهود.
وقالت المنظمة إنه يتعين على السلطات التحقيق مع رؤساء رجلي الشرطة هذين وكذلك وكيل النيابة المحلي الذي أخفق تحقيقه الأولي في جمع الأدلة على النحو الواجب كما أخفق في الاستماع للشهود.
المصدر: القدس العربى