لا شك أن توقيع الاتفاق المبدئي على المصالحة الفلسطينية، كان بمثابة مفاجأة للعالم وللفلسطينيين أنفسهم، ولكن لا بد أن ثمة أسباب دفعت الطرفان، وربما "فتح تحديدا للتوقيع على هذا الاتفاق. وكتبت صحيفة اجنبية في افتتاحيتها الأولى أن ثمة ثلاثة أسباب دفعت بفتح إلى "قبول كل شروط" حماس للدخول في حكومة وحدة وطنية.


زعيم فتح محمود عباس!

أول هذه الأسباب نشر الوثائق الفلسطينية التي "كشفت عن مدى استعداد المفاوضين الفلسطينيين للانصياع من أجل إرضاء الإسرائيليين، والذي أدهش حتى أكثر الإسرائيليين تشددا". ولقد أدى الكشف عن هذه الوثائق إلى نزيف معنوي ذهب بما تبقى لسلطة فتح في الضفة من هيبة.

والسبب الثاني في تنازل هذه السلطة لحماس –حسب الصحيفة البريطانية- يكمن في الإطاحة بأحد أهم حلفاء زعيم فتح محمود عباس في المنطقة الرئيس حسني مبارك ووسيطه الأهم عمر سليمان. وتقول الصحيفة: "عندما كان الرجلان في السلطة، كانت البوابة الخلفية لقطاع غزة محكمة الإغلاق". لكن القشة التي قصمت ثقة عباس هي الموقف الأمريكي الأخير من "الاستيطان الإسرائيلي"، عندما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) لنسف قرار يعترض على "استمرار إسرائيلي" في سياستها الاستيطانية.

وتقول الصحيفة: "لقد اتخذ إحباط حركة فتح بسبب كل هذا شكلا سياسيا الآن." وتلاحظ الصحيفة أن رد فعل الإسرائيليين بعد الإعلان عن الاتفاق الفلسطيني كان "مكفهرا". والسبب في ذلك هو ذلك الاعتقاد السائد في الساحة السياسية الإسرائيلية والذي تجاوزه الزمن والواقع بأن مصير الدولة الفلسطينية في يد إسرائيل. لكن رياح "الربيع العربي" تجري بما لم تعهده (إسرائيل). فقد يساهم مصريون وأردنيون وربما سوريون أحرار في رسم خريطة (إسرائيل) في المستقبل.


خالد مشعل امين عام حماس!

ولقد كان الاعتقاد سائدا بعد سقوط مبارك بأن المصريين في وضع لا يسمح لهم بصوغ سياسة خارجية، لكن التطورات المتلاحقة في مصر نسفت هذا الاعتقاد. فهذا وزير الخارجية المصري نبيل العربي يعلن نية السلطات المصرية رفع الحصار المفروض على القطاع. وترى الصحيفة أن تطورات من هذا القبيل تعد تحديا للوضع الراهن الذي كرسته إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتنهي الجارديان افتتاحيتها بباقة من الأسئلة التي تكاد أن تكون أسئلة استنكارية: "هل ستعمد "هذه الجهات الثلاث" إلى تخريب إرادة الشعب المصري التي تزعم أنها تنتصر لها؟ هل ستقوم الولايات المتحدة بما قامت به بعد اتفاق مكة بين فتح وحماس، ونسف حكومة الوحدة الوطنية؟ وهل ستتوعد الرباعية الدولية السلطة الوطنية الفلسطينية بسحب الدعم المالي؟"

وتنسج صحيفة "الإندبندنت" على نفس هذا المنوال، وتدعو الاتحاد الأوروبي إلى مقاومة الضغوط تجنب الوقوع في الخطأ الذي ارتكبه قبل خمس سنوات عندما رفض الاعتراف بحركة حماس، وبالحكومة التي شكلتها عقب انتخابات ديمقراطية. وتقول الصحيفة في افتتاحيتها الأولى: "بعد خمس سنوات، ينبغي أن يتأكد للاتحاد الأوروبي أن إبعاد حماس عن المفاوضات لن يؤدي إلى اختفاء الحركة عن الوجود. لقد أظهر تاريخ الصراعات المستعصية على الحل أن السلام يأتي بعد الجلوس مع الخصم على طاولة المفاوضات، وليس عبر عزله".

وتضيف الصحيفة قائلة: " يعيش الشرق الأوسط حالة غليان. فقد بدأت الأنظمة -التي بدت قبل أشهر فقط صلبة كالصخر- تترنح. كما تتعرض الكثير من المزاعم والرؤى إلى عدد من التحديات. ويتمخض كل هذا عن مخاطر لكنه يفتح المنطقة على آمال أيضا. وعلى إسرائيل والمجتمع الدولي اغتنام هذه الفرصة التي أهدرت قبل خمس سنوات وأن تشرك حماس في عملية مفاوضات السلام.