قال مصدر أمني لبناني على صلة مباشرة بالتحقيق أن التحقيقات الأولية مع العميد المتقاعد في الجيش اللبناني فايز كرم المعتقل بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، أظهرت اعترافه بالتعامل مع دولة الاحتلال.

وقال المصدر لصحيفة "السفير" اللبنانية، إن التحقيق مع كرم يتم حاليا بوتيرة هادئة، إذ إن المحققين يراعون وضعه الصحي، على اعتبار انه سبق وأجرى جراحة قلب مفتوح منذ فترة غير بعيدة.

ولفت المصدر الانتباه إلى أن كرم حاول في بادئ الأمر أن ينفي تهمة التعامل عنه، لكنه خلال أقل من خمسين دقيقة أقرّ بتعامله بعدما واجهه المحققون بـ"الأدلة الثبوتية المهمة والقاطعة" التي لم يستطع نفيها.

ولم يؤكد المصدر أو ينفِ ما إذا كانت تلك الأدلة كناية عن إثباتات ووثائق ومستندات أو حركة اتصالات هاتفية بالإضافة الى ما تردد عن صور "وذلك حرصا على مجريات التحقيق".

وأشار المصدر إلى أن بداية التواصل بين العميد الموقوف وبين الإسرائيليين تمت في نهاية الثمانينيات، وخلال تبوئه موقعا عسكريا مهما في الجيش اللبناني الذي كان متمركزا في ما كان يعرف بالمناطق الشرقية في ذلك الحين، والذي كان، أي الجيش، يكن العداء لسوريا.

واستنادا الى التحقيق الأولي، حدد المصدر خارطة مغادرة كرم لبنان في تلك الفترة، حيث أشار إلى أن القوات السورية وبعد عملية 13 اكتوبر/تشرين الأول، ألقت القبض على كرم وتم نقله إلى سوريا حيث أمضى تسعة أشهر في السجن، ثم أُطلق سراحه وعاد الى لبنان، ليمضي فيه فترة قصيرة وينتقل عن طريق الجبل إلى مدينة جزين التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن هناك نقله الإسرائيليون في موكب أمني إلى حيفا، حيث مكث أياما قليلة فيها، وبعدها نقله الإسرائيليون بحرا إلى قبرص وأمنوا دخوله بجواز سفر مزوّر انتقل بواسطته الى باريس، حيث أمضى سنوات عدة قبل أن يأتي الى لبنان مع عودة العماد ميشال عون إلى بيروت في 2005.

أضاف المصدر: التواصل بين كرم والإسرائيليين كان متواصلا حتى فترة ليست بعيدة وثمة اتصالات عدة تمت بينه وبين الإسرائيليين في العام 2009، تلك السنة التي حصلت فيها الانتخابات النيابية وقد كان مرشحا للانتخابات آنذاك".

ونفى المصدر أن يكون خلف توقيف العميد المتقاعد أي بعد سياسي، وقال إن الوقائع التي يظهرها التحقيق هي التي تجيب عن ذلك، علما أننا تعاطينا مع هذا الموضوع من خلال أدلة سعينا إليها حتى تأكدنا منها.

وحول كيفية كشف الجاسوس، قال المصدر: حصل ذلك خلال عملية المتابعة التي نجريها في الأساس، حيث تمكنّا في البداية من الوصول الى "اختراق معيّن" ولفت انتباهنا "تصرّف مشبوه"، ووضعنا يدنا على هذه المسألة منذ ستة أشهر، حتى اكتملت الصورة عندنا بشكل كامل وتيقنّا من تعامله مع الإسرائيليين، وعندئذ دخلنا في المرحلة الثانية، أي في مرحلة التوقيف.

وأشار المصدر الأمني إلى أن فرع المعلومات وضع المعلومات الأولية التي حصل عليها بتصرف مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا، الذي درس الملف وأعطى موافقته على التوقيف، إلا أننا دخلنا في دراسة كيفية إتمام ذلك.

وعقدت سلسلة اجتماعات على مدى أكثر من عشرة أيام، وطرحت اقتراحات بدهم منزله وإلقاء القبض عليه فيه، ولكن تم العدول عن هذه الفكرة لاعتبارات شخصية، كما تم درس فكرة إلقاء القبض عليه خارج منزله، في ذوق مكايل فصرف النظر عنها إلى أن رسا الأمر على فكرة استدراجه "احتساء فنجان قهوة مع صديق مشترك"، ومن ثم تم توقيفه.

ورداً على سؤال حول توقيت إلقاء القبض عليه في هذه الفترة، وخصوصا أن ثمة من أحاط العملية التي قام بها فرع المعلومات بعلامات استفهام، قال المصدر الأمني: "في الأساس لم نكن لنقارب هذا الموضوع لو لم نكن متأكدين من كل المعطيات التي وصلنا اليها، وبالطريقة ذاتها التي نتعقب فيها العملاء، وأما لماذا أوقفناه الآن، فلأن الصورة اكتملت معنا في هذا الوقت، ولو أنها مكتملة قبل ستة اشهر لأوقفناه آنذاك، وحتى لو لم تكتمل الآن، وتأخرت واكتملت في أي وقت لاحق لكنا أوقفناه في تلك اللحظة وليس صحيحا أن هناك بعدا سياسيا أو توقيتا سياسيا".